محمد شيخ عثمان
محمد شيخ عثمان
منذ 3 أشهر

مع علمهم المسبق بأن البهائم المفخخة من الجماعات التكفيرية والشوفيينة من ايتام النظام البائد ستستهدفهم إلا ان الكرد في كركوك ومعهم المنصفون من التركمان والعرب والكلدوآشوريين قرروا في 28/7/2008 المشاركة في تظاهرة احتجاجية منددين بتمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات في مجلس النواب بناء على رغبة واهواء المعادين للتعايش والتاخي وحقوق الشعب الكردي التي كفلها الدستور ،ورغم العمل الارهابي الجبان الذي أسفر مع الأسف عن إستشهاد 26 شخصاً وجرح 180 آخرين الا ان المتظاهرين قرروا الاستمرار في مسيرتهم .
 
وفيما قرر مجلس رئاسة الجمهورية بإلاجماع نقض القانون، الا ان تلك التظاهرات واستمرارها رغم الاستهداف الارهابي كانت حقا نوعا من البسالة والشجاعة واقوى دليل على روح التضحية التي تجري في عروقهم وبنيتهم الانسانية .

 

لقد كانت رسالة قوية وواضحة للحكومة العراقية آنذاك  للقيام بواجباتها بتنفيذ ماتعهدت به في برنامج عملها وفي فقرتها الـ 22 حول تنفيذ المادة 140 من الدستور .
 
انها ايضا رد صريح على المتآمرين بان في كركوك شعبا كرديا جريئا و حليما لايُحب ان يًغضب ولن يساوم على مصير المدينة دون تطبيع الاوضاع فيها كما ينص الدستور والقانون ووفق الالتزامات الاخلاقية على جميع اطراف العملية السياسية ، وكانت تمثل الاصرار و الحزم في ان لابديل سوى تطبيق المادة 140 من الدستور لتبقى كركوك مدينة حقيقية للتآخي وعنوانا للعراق المصغر.

 

التظاهرة اثبتت في حينها ان الاغلبية الكبرى في كركوك تنظر الى المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات بريبة كبيرة وبانها تعني بالنسبة لهم مصادرة حقوقهم الديمقراطية والتاريخية و كانت حقا رسالة التحدي لكل من تسول له نفسه التدخل في مصير المدينة انطلاقا من النزعة التفردية و خارج المواد المنصوص عليها في الدستور العراقي.

 

 تظاهرة كركوك الدموية لاتختلف عن خروج النواب الكردستانيين وحلفائهم الصادقين في جلسة الثلاثاء لمجلس النواب انذاك فمن خلالهما انطلقت روح التصدي ضد المتصيدين في الماء العكر الذين كما قال رئيس الجمهورية حينها “يرفضون كل شيء كردي ” وهم من انصار عودة الاستبداد و سياسة التطهير العرقي مرة اخرى الى العراق،و انطلقت من خلالهما ايضا الاصرار الكردي على عدم المساومة على كل مامن شأنه الاخلال بالثوابت الوطنية و بتعثر العملية الديمقراطية التوافقية في العراق الجديد.

 

ومن خلالهما ايضا اثبت الكرد بانهم كانوا على حق عند حرصهم على بناء العملية الدستورية والسياسية بشكلها الحالي بحيث لايسمح لاحد بان يمارس سياسة التفرد والاستبداد والاقصاء بحق اي مكون آخر .

 

لقد اضحت التظاهرة الجماهيرية الدموية في كركوك رسالة الى القيادة الكردستانية في بغداد وفي الاقليم ايضا بان الشعب يقف معهم في عدم مساومتهم على المدينة و قد تحدى الارهاب المفخخ ليثبت صدق نواياه وانه مستعد للمزيد .

 

تحية للذين سقطوا من شهداء و جرحي في هذه التظاهرة الدموية وتلك التضحيات  رسالة تنبيه إلى أن الإصرار على الإخلال بالتوافق، و تشجيع نزعة التفرد والتحالفات غير المبدئية، سيلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية و مسيرة العمل السياسي المشترك في الدولة الاتحادية.